الأربعاء، 14 يناير 2015

نظرية التحليل التفاعلي - Transactional Analysis Theory



نظرية التحليل التفاعلي
(Transactional Analysis Theory)








قبل الدخول في تحليلات النظرية وتفريعاتها دعونا نلقي الضوء على تعريف النظرية نفسها ومؤسسها .



تعد نظرية التحليل التفاعلي (التبادلي) لأيريك بيرن Eric Bernمن أحدث النظريات فى علم النفس المعاصر ،والتي استخدمت معطياتها استخداما واسع الانتشار فى العلاج النفسي فى أوربا والولايات المتحدة الأمريكية،وتعتمد هذه النظرية على منهجا فى التحليل لا يقيم وزنا للأحداث الماضية التي تمر بالفرد وإنما تركز كل اهتمامها على تحليل ما يمكن أن يمر به مستقبلا من أحداث لتمكنه من إرادة التغيير ،وتكوين نسقا متكاملا من الضبط الذاتي Self Controlبما يمكنه أيضا من حرية الاختيار.
ومما لاشك فيه أن النظرية التفاعلية "التبادلية" تعتمد أساسا على نظرية التحليل النفسي ،وأن كانت تستخدم بعض مفاهيمها للوصول إلى معان مختلفة عنها على نحو ما .
فلقد أثبتت نظرية التحليل النفسي أن للإنسان طبيعة نقديةMultiple متغايرة،فهو يحوى فى أعماقه عدة أشخاص فى شخص واحد ،ويحمل فى طياته صراعا حادا بين الرغبات المتعارضة (الهدم والبناء،الخير والشر)وتلك حقائق أوضحها فرويد فى نظريته عند تحليله للصراعات والمخاوف اللاشعورية التي استخرجها فى تحليله لمستدعيات مرضاه إكلينيكيا ومثل هذه المعطيات ،هي التي بنى عليها أريك بيرن Eric Bernنظريته فى التحليل التفاعلي (التبادلي)مع اختلاف نوعى فى تناوله لها تأصيلا وتنظيراً.
وربما لا يجب أن نعتبر نظرية بيرن نظرية جديدة تماما إلا من حيث التناول،ولكي نفهم هذا المعنى جيدا نورد هنا الفرق بين لغة الاتصال Communicationولغة التخصص العلمي فالمصطلحات وربما الكلمات قد يكون لها معنى فى الثانية مختلف على نحو ما عن معناها فى الأولى .
وكذلك يمكن القول أن علم الرياضة علم قديم ،لكنه يستخدم اليوم لغة جديدة تتمثل فى الرياضة الحديثة ،ومن ثم يمكن القول أن الجديد فى الرياضة هو هذه اللغة الحديثة.
وهكذا يثور سؤال هام مؤداه "هل يمكن لأي معلومات تتاح فى فترة زمنية أن تتميز بالنفع الدائم؟ وبمعنى آخر هل يمكن لمثل هذا النفع أن يتميز بالثبات والصدق لفترات طويلة من الزمان؟
ولو كان الأمر كذلك لما ظهرت نظرية التحليل النفسي بعد السلوكية؟ ولم ظهرت أي نظرية بعد التحليل النفسي كنظرية.
ولقد حاول الطبيب الجراح بنفيلد القيام لاختبار إمكانية استحضار بعض الخبرات المنسية فى اللاشعور تجريبيا،وذلك بتنبيه اللحاء الصدغي Temporal Cortex لدى أحد مرضاه المصابين بالصرع البؤريFocal Epilepsy وذلك بصدمة كهربائية خفيفة فوجده وقد استعاد ذكريات لاشعورية كانت فى طي النسيان نتيجة لكبتها .


وكان الشيء المثير أن حلول مثل هذه الذكريات فى حيز الشعور يستتبعه الانفعالات والمشاعر المرتبطة بها،الأمر الذي دعي بنفيلد لأن يشير إلى أن المخ Cortexيقوم بدور جهاز التسجيل الحساس للغاية،والذي يعمل على تسجيل وتخزين خبرات ومشاعر الإنسان،والتي يمكن بطريقة ما استحضارها فى لحظة ما ليعيش الإنسان خبرة الماضي والحاضر معا وفى آن واحد ،ومن ثم انتهى إلى قرار أن الشخص يمكن أن يعيش خبرات متعددة فى لحظة واحدة.
الفعل التبادلي(التفاعلي)
سبق أن أشرنا إلى أن أريك بيرن Eric Bern هو مؤسس نظرية التحليل التفاعلي Transactional Analysis Theory،وتجدر الإشارة إلى أنه عمل فى الأصل بنظرية التحليل النفسي ،وجمع وقائع إكلينيكية كثيرة وفق منهجها فى تحليل المستدعيات ،وساعدته هذه الوقائع على صياغة نظريته فى التحليل التفاعلي.




تحليل الشخصية



أنت تسأل عن العلاقات المتبادلة بينك وبين الآخرين ، أو بينك وبين نفسك ….

هل تكثر من انتقاد نفسك ؟

هل تحب نفسك أكثر مما يجب ؟

هل تكرهها ؟

هل تعانى من انتقاد الناس لك ؟

هل انت تنتقد كل من حولك ؟

هل تشعر أن الآخرين يستغلونك ؟

هل تشعر أنك لا تفهم نفسك جيدا ؟

هل تشعر أنك لا تفهم الناس جيدا ؟

هل تعانى مع أهلك ؟



إذا كانت الإجابة بنعم على أى من الأسئلة التالية ، فأدعو الله أن تجد فى هذا المقال ما يفيد فى الإجابة عن أسئلتك ….



هناك هدفين من هذا المقال ؛

الهدف الأول :

أن نحاول دراسة تركيب النفس البشرية …

نحاول سبر أغوارها من الداخل ،

بطريقة مبسطة بقدر الإمكان …

أما الهدف الثانى :

فهو دراسة العلاقات الإنسانية بشىء من التحليل ،

العلاقات بين الأهل ،

العلاقات بين الأصدقاء ،

العلاقات بين الأغراب ،

وكل أشكال العلاقات الإنسانية …

تحليل الشخصية

درس العلماء شخصية الإنسان بشكل مفصل ، وقسموها إلى ثلاثة أقسام رئيسية ، تتداخل وتتفاعل فيما بينها لتكون فى النهاية الشخصية الكاملة .

هذه الأقسام وإن كانت خفية فى داخل النفس إلا أنها تظهر فى صورة السلوك البشرى …

بعض السلوك يظهر بشكل واعى ، مقصود ، مبنى على نية الشخص ...

وبعض السلوك إنما يظهر بشكل عفوى ، تلقائى ، لاشعورى …

وقد أمكن من خلال دراسة ذلك السلوك تعريف خواصه ، ومعرفة منشأه لتحديد من أى قسم من أقسام الشخصية يظهر ذلك السلوك.

وقد سميت تلك الأقسام الثلاثة "حالات الأنا" … أى الحالات التى يظهر عليها الإنسان (الأنا) فى مختلف المواقف والظروف نتيجة للبيئة المحيطة به والعلاقات التى يتفاعل معها :

وقد اصطلح العلماء تسمية الأقسام الثلاثة كالآتى :



أولاً : حالة الأنا الطفولى CHILD :




بعد الميلاد مباشرة تكون وظائف المخ بدائية جداً ومكرسة تماماً لنمو الإنسان :

ومن تلك الوظائف الغرائز الرئيسية مثل الجوع والعطش والرغبة ، وأيضا المشاعر البدائية مثل الحب و الخوف والغضب، والألم والسعادة.

فالطفل حديث الولادة لا يظهر سوى رغبات (مثل الجوع) ومشاعر (يعبر عنها بالبكاء)



وتتميز هذه الحالة بالتلقائية الشديدة ، فالطفل لا يفكر وإنما فقط يرغب ويشعر … ولكنه غير قادر على التفكير المنطقى.



وقد حبانا الله سبحانه بهذه الصفات عند الولادة بغرض الحفاظ على النوع ، فبدونها ينقرض الجنس البشرى ، وهى من القوة بحيث تستمر مع الإنسان طيلة حياته تمده بغريزة البقاء، تمده بالرغبة فى الطعام والشراب والجنس ، فإذا زهد الإنسان فى تلك الرغبات فانه يموت …



وقد اصطلح العلماء على تسمية تلك القوة (حالة الأنا الطفولى). وذلك بفضل بدايتها فى الطفولة وبأيضا بفضل طبيعتها العفوية.

وهى تمنحه صفات جديدة مع تقدم العمر ، نذكر منها :

‏أ‏- ‏التلقائية‏ ‏والبساطة : حينما يتصرف الشخص بتلقائية وبساطة بدون تفكير فإنه فى الغالب يستعمل الأنا الطفولى فى هذا الوقت .

ب- ‏الفطرية‏ : حينما يتبع الشخص فطرته التى خلقه الله عليها مثل الاستجابة للغرائز الطبيعية مثل البحث عن الأكل عند الجوع ، أو الماء عند العطش ، أو الزواج عند الإحساس بالرغبة الجنسية.

ج- الابداعية : المبدعون والمفكرون والمخترعون كلهم حين يبتكرون شيئا جديدا فإنهم يستخدمون الأنا الطفولى ، ففيه وضع الله امكانية الابتكار لدى الانسان.

د- ‏الذاتوية : فى بعض الأحيان يفضل الطفل التقوقع داخل مملكته ، ويعيش فى واقع افتراضى بعيدا عن عالم الكبار المخيف ، ويرفض الانضمام لأى مجموعة من الناس .

هـ – الخيالية‏ : الإنسان الخيالى يترك العنان للأنا الطفولى لديه ليبتعد عن الواقع ويجنح بقدرته على استبدال الواقع بخيال جديد يحقق فيه كل ما عجز عنه فى الواقع.

و- ضعف‏ ‏العلاقة‏ ‏بالواقع‏ : بسبب استسلامه فى بعض الأحيان لرغباته ، وبسبب قدرته على التخيل .

ز- العناد : الطفل يرفض الانقياد ، ويرفض الانصياع للأوامر، ويحاول بذلك دائما اثبات فرديته.

ح- المرح الطفولى : تظهر تلك القوة فى الإنسان البالغ فى شكل المرح فى ‏مناسبات‏ ‏العطلات‏ ، ‏والنشاط‏ ‏الحر‏ ‏فى ‏أوقات‏ ‏الفراغ‏، وكافة الأنشطة الترفيهية والدعابة.

ط- كما يظهر أيضا فى حالات الأنانية والعنف ، والتعدى على حريات الغير بلا تفكير .




ثانياً : حالة الأنا الأبوى :




حين يبدأ الطفل فى التواصل مع من حوله فى السنة الأولى يبدأ فى تلقى تعليمات من البيئة المحيطة …

تعليمات الغرض منها تقيد حرية هذا الطفل …

عن طريق منعه عن رغباته …

فغالبا ما تكون رغباته ممنوعة ، أو مقيدة من قبل المجتمع …

فلا يمكنه أن يأكل ما ليس له حتى ولو كان جائعا ، فهذا يعتبر خرقاً للقانون …

ولا يمكنه أن يمارس الجنس إلا بعد الزواج ، وإلا فإن هذا يعتبر خرقاً للقانون والتقاليد والدين.

فيبدأ الأنا الطفولى فى تلقى تعليمات كثيرة الهدف منه تقييد رغباته لما يتماشى مع الدين والقانون والعرف والتقاليد ونظرة الناس ...

مثال:

لا تفعل،

هذا غلط،

هذا عيب،

هذا حرام،

ذلك ضد التقاليد،

ماذا تقول الناس .

وكلها تعليمات تهدف إلى تقويم شخصية الإنسان، وإثناء الطفل عن رغباته ، وتقييد حرياته ، حفاظا على حقوق المجتمع المحيط ، وإذا تمت بالقدر المناسب فإنها تؤدى إلى النضج ...

ولكن الأنا الأبوى قد يتمادى فى المنع والإغلاق ليصبح سجناً داخليا ، ويصبح جلاداً ينصب المقصلة للأنا الطفولى على كل صغيرة وكبيرة، ولا يسمح بالخطأ البشرى ، ويفرط فى المثالية ، وفى هذه الحالة المفرطة يصاب الإنسان غالبا بأمراض نفسية عند البلوغ أهمها ؛ الاكتئاب والوسواس القهرى والهلع والقلق النفسى والجسدنة...

والأمثلة على الأنا الأبوى الممرض :

كل تصرفاتك غلط،

أنت إنسان فاشل،

أنت مافيه فايدة منك،

لن تنجح مهما حاولت …



‏ومع تقدم العمر تظهر تلك القوة ‏فى ‏شكل‏ ‏صفات‏ ‏والديه‏ ‏سواء‏ ‏كانت‏:‏

‏(‏أ‏) ‏صفات‏ ‏الرعاية‏ ‏والمحبة‏ ‏والهدهدة‏ ‏وتقبل‏ ‏الاعتماد‏ ‏عليه‏. ‏

‏(‏ب‏) ‏صفات‏ ‏القمع‏ ‏والعقاب‏ ‏واملاء‏ ‏القواعد‏ ‏السلفية‏ ‏القاطعة‏ ‏وما‏ ‏شابه‏.

ويظهر‏ ‏ذلك‏ ‏فى ‏الأحوال‏ ‏العادية‏ ‏فى ‏المواقف‏ ‏الأبوية‏مثل‏ ‏التدريس‏ ‏والقيادة‏ ‏والارشاد‏ ‏وما‏ ‏إليها‏، ‏كما‏ ‏تطغى ‏هذه‏ ‏الحالة‏ ‏الوالدية‏ ‏على‏ ‏الشعور ‏فى ‏الحالات‏ ‏المرضية‏ فى ‏حالات‏ ‏الاكتئاب‏ ‏‏، فتتسبب فى تأنيب النفس المستمر ، وأن يحط الإنسان من قدر نفسه دائما أو عدم الثقة بالنفس، كما تتسبب أيضا فى توقف أى نشاط إبداعى عند المريض والزهد فى الغرائز (مثل فقدان الشهية للأكل ، والبرود الجنسى) ‏، وتتسبب أيضا بشكل مباشر فى اعتلال المزاج باستمرار، والتشاؤم المستمر وتوقع الأسوأ دائماً.

ملحوظة : إذا كان القارئ مصاب بالاكتئاب فإنه غالباً سيصف نفسه بأنه يستعمل الأنا الطفولى طوال الوقت ويلوم نفسه على ذلك ، ولكن الواقع هو أن كونه مكتئباً جعل الأنا الأبوية تعمل دائما وتلومه وتتهمه دائما بأخطاء الطفل …

‏ حالة الأنا الناضج :



بعد أن يكبر الطفل يتولد لديه شعور بالإحباط …

لأنه ليس كل ما يتمناه يدركه ،

كما أنه يدرك أن التمنى غير كاف لتحقيق رغبته ،

بل عليه أن يعمل لتحقيق هذه الأمنية …

هنا تبدأ مرحلة النضج لدى الطفل وهى تبدأ فى سن مبكرة نسبياً 6 سنوات. وهنا تتكون قوة ثالثة هى قوة (حالة الأنا الناضج) .

من خلال هذه القوة يبدأ الطفل فى طرح العديد من الأسئلة للمحيطين به ، وذلك بغرض معرفة المزيد عن تلك البيئة المحيطة به ، حتى يجمع ما يكفى من المعلومات لكى يحقق رغباته، ومن خلالها أيضا يبدأ فى المفاضلة بين قوة رغباته (الطفل) وقوة التعليمات والأوامر (الأب) . فأيهما أقوى يفوز ويتم التصرف على أساسه ، وفى بعض الحالات يكون لهذه القوة أن تستحدث رأياً ثالثا وسطاً خاص بها ومختلف عن القوتين الأخريين. مثال : أنا أشتهى تلك السيارة (الطفل) ، ولكن تلك الشهوة ممنوعة لأننى لا أملك السيارة (الأب) ، أراجع الميزانية ثم أتقدم لشرائها حين يمكننى ذلك (الناضج) . هذا‏ ‏التنظيم‏ ‏هو‏ ‏المسئول‏ ‏عن‏ ‏السلوك‏ ‏الواقعى ‏المحسوب‏ ‏الهادف‏ ‏لتأكيد‏ ‏العلاقة‏ ‏بالواقع‏ ‏والنفع‏ ‏والاستمرار‏ ‏فى ‏التوازن‏ ‏المتعادل‏، ‏لذلك‏ ‏فهذه الحالة‏ تبدو‏ ‏كجهاز‏ ‏حاسب‏ (‏كمبيوتر‏) ‏يمكن‏ ‏أن‏ تستعمله‏ أى ‏من الحالتين الأخريين‏ ‏لخدمتها‏ وتحقيق أهدافها‏، ‏أى ‏أنه‏ ‏لا‏ ‏يعمل‏ ‏تلقائيا‏ ‏لحسابه‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏المبدأ‏، ‏وان‏ ‏كان‏ من الممكن ‏أنه‏ ‏مع‏ ‏استمرار‏ ‏النضج‏ ‏والممارسة‏ تنمو‏ تلك الحالة‏ ‏بالذات‏ ‏على ‏حساب‏ ‏ما‏ ‏سواها ‏من‏ حالات‏ ‏حتى تصبح‏ ‏تلقائية‏ ‏وقادرة‏ ‏على ‏القيادة‏ ‏وهذا ما أصطلح على تسميته : ‏الناضج‏ ‏المتكامل‏ Integrated Adult.‏



من هنا يتبين لنا أن الأنا الناضجة أمامها ثلاثة اختيارات دائماً :

1- أن يطيع الأنا الطفولى : فيصبح عبداً لرغبته فى تلك اللحظة.

2- أن يطيع الأنا الأبوى : يطيعه مؤقتاً ليهدئ ضميره ، أو يطيعه دائماً فيصاب بالقلق والاكتئاب والوسواس حيث أن الأنا الأبوى لا يرضى أبداً.

3- أن يستحدث لنفسه رأى ثالث مستقل وهذه هى قمة النضج.


التفاعل‏ ‏الطبيعى ‏بين‏ ‏حالات‏ ‏الأنا‏ الثلاث‏


‏ ‏مواصفات‏ التفاعل السوى‏ ‏بين‏ ‏هذه‏ الحالات‏ ‏وبعضها‏ ‏على ‏الوجه‏ ‏التالى:‏


1-‏التناسب‏ Appropriateness:


‏حتى ‏يقال‏ ‏أن‏ ‏نشاط‏ ‏حالة‏ ‏من‏ ‏حالات‏ ‏الأنا‏ ‏يقع‏ ‏فى ‏حدود‏ ‏الطبيعى ‏فان‏ ‏هذا‏ ‏النشاط‏ ‏ينبغى ‏أن‏ ‏يتناسب‏ ‏مع‏ ‏الموقف‏ ‏الذى ‏يظهر‏ ‏فيه‏، ‏فمن‏ ‏المناسب‏ ‏مثلا‏ ‏أن‏ ‏تطغى ‏حالة‏ ‏الأنا‏ ‏الطفولية‏ ‏على ‏شاطيء‏ ‏البحر‏ ‏فى ‏أجازة‏ ‏منطلقة‏ ‏أو‏ ‏حفل‏ ‏راقص‏، ‏ومن‏ ‏المناسب‏ ‏أيضا‏ ‏أن‏ ‏تطغى ‏الحالة‏ ‏الأبوية‏ ‏لمدرس‏ ‏يحاول‏ ‏أن‏ ‏يضبط‏ ‏الفصل‏ ‏بشكل‏ ‏حازم‏... ‏وهكذا‏. ‏





‏2-‏التعاون‏ Cooperativeness:




‏ان‏ ‏نشاط‏ ‏حالة‏ ‏من‏ ‏حالات‏ ‏الأنا‏ ‏انما‏ ‏يتم‏ ‏باتفاق‏ ‏ما‏ ‏مع‏ ‏الحالات‏ ‏الأخرى، ‏بمعنى ‏أن‏ ‏الحالات‏ ‏الأخرى ‏تتنحى ‏جزئيا‏ ‏فتتيح‏ ‏الفرصة‏ ‏الأكبر‏ ‏لهذه‏ ‏الحالة‏ ‏المناسبة‏ ‏حتى ‏اذا‏ ‏تغير‏ ‏الموقف‏ ‏والمثير‏ ‏فان‏ ‏حالة‏ ‏أخرى ‏قد‏ ‏تحل‏ ‏محل‏ ‏الحالة‏ ‏الأولى ‏التى ‏تتنحى ‏مؤقتا‏ ‏وهكذا.

مثال : المدرس الحازم يصبح مرحا أثناء رحلة له مع تلاميذه ‏، ‏وهذا‏ ‏التعاون‏ ‏بين‏ ‏حالات‏ ‏الأنا‏ ‏يعطى ‏فرصة‏ ‏لتناوب‏ ‏مثمر‏ ‏فى ‏الحياة‏ ‏العادية‏.

مثال : على عدم التعاون : يفشل الإنسان المكتئب عادة فى الاستمتاع بأى نشاط ترفيهى وذلك بسبب سيطرة الأنا الأبوى وعدم تنحيه لإتاحة الفرصة للأنا الطفولى بالاستمتاع.


‏3- ‏التوليف‏ Synthesis: ‏ ‏



‏و ‏يمكن‏ ‏استنتاجها‏ ‏من‏ ‏مفهوم‏ ‏الذات‏ ‏الناضجة‏ ‏المتكاملة‏ Integrated adult، :استحداث (الناضج) لرأى ثالث خاص به ، مثال : المثال السابق للسيارة‏.

‏4- ‏المواجهة‏ Confrontation:



‏ ‏وتعنى ‏أن‏ ‏احدى ‏حالات‏ ‏الأنا‏ ‏اذ‏ ‏تواجه‏ ‏حالة‏ ‏أنا‏ ‏أخرى ‏لا‏ ‏تتنحى ‏لها‏ ‏ولا‏ ‏تتصارع‏ ‏معها‏ ‏ولكنها‏ ‏تواجهها‏، ‏فى ‏محاولة‏ ‏اثبات‏ ‏وجود‏ ‏من‏ ‏نوع‏ ‏جديد‏، ‏وقد‏ ‏تكون‏ ‏هذه‏ ‏المواجهة‏ مؤلمة‏ ، ‏الا‏ ‏انها‏ ‏تبدو‏ ‏خطوة‏ ‏لازمة‏ ‏نحو‏ ‏التوليف‏ ‏السابق‏ ‏ذكره‏.

مثال : السيارة غالية جداً (الأب) ،ولكننى سأشعر بسعادة بالغة إذا اشتريتها (‏مواجهة الطفل) ، سنضغط النفقات لشراء السيارة (توليف الناضج)


‏ ‏مواصفات‏ التفاعل المرضى‏ ‏بين‏ ‏هذه‏ الحالات‏ ‏وبعضها‏ ‏على ‏الوجه‏ ‏التالى:‏




فى هذه الحالة يقع الأنا الناضجة تحت سيطرة أحدى الحالتين الأخريين باستمرار ، ويفشل فى التحرر منها :


1- سيطرة الأنا الأبوى طوال الوقت :


وهى الحالة الأكثر شيوعاً ، وفيها يخضع الأنا الناضج لسيطرة الأنا الأبوى طوال الوقت فيؤثر على قراراته : وغالبا ما يصاحب تلك الحالة اكتئاب فى المزاج …

كما أن أصحاب تلك المشكلة قد يصابون أيضاً بالوسواس القهرى ، والقلق ، ونوبات الهلع ، والخوف المرضى. وبعض الضلالات.

وفى كل حالة مرضية مما ذكر يقوم الأنا الأبوى بتوجيه رسالة خاصة (لا شعورية) إلى الأنا الطفولى ويتبناها الأنا الناضجة ويقتنع بها اقتناعا مرضياً :

أ- ففى حالة الاكتئاب :

يقول الأب للطفل : أنت فاشل ، أنت السبب فى كل المشاكل ، ما كان يجب أن تفعل ذلك ، كل شىء حولك عدائى، الدنيا مظلمة حولك.



ب- فى حالة الوسواس القهرى : يقول الأب للطفل انت مخطئ دائما ، وهنا يضطر الطفل إلى إعادة كل تصرف يقوم به أكثر من مرة حتى يصحح الخطأ المزعوم (وهذا هو السلوك القهرى) ، وقد يقول له ان يدك ملوثة بالإثم فيحاول دائما غسل يده مرارا وتكراراً.



ج- فى حالة القلق : يقول الوالد أن الأمور دائما ستصبح على غير ما تتمنى ، وستحدث المشاكل دائم.



د- وفى حالة الخوف المرضى : يكون الأنا الطفل فى حالة خوف لا شعورى مبهم من الأنا الأبوى، وحتى يمكن تفهم ذلك الخوف يتحول ذلك الخوف المبهم إلى خوف من شىء ملموس محسوس مثل الخوف من المرتفعات أو من العناكب.



2- سيطرة الأنا الطفولى طوال الوقت :



وهى حالة أقل شيوعاً نسبيا وفيها يسيطر الأنا الطفولى على الأنا الناضجة ويمنعه من التصرف أغلب الوقت .

وأصحاب تلك الحالة قد يصابون بأمراض مثل الهوس ، السلوك الإجرامى، الإدمان ، الشذوذ الجنسى، كما انهم قد يتسمون بالافراط فى التحامل على الآخرين

وفى كل حالة مرضية مما ذكر يقوم الأنا الطفولى بتوجيه رسالة خاصة (لا شعورية) إلى نفسه ويقتنع بها الأنا الناضجة اقتناعا مرضياً :

أ- الهوس : يقول الأنا الطفولى لنفسه : لقد مللنا من سلطة الأب طول الوقت ، لذا سأكسر كل القيود ، (وأذهب لأرقص فى الشارع مثلاً)

ب- السلوك الإجرامى : ما أريده الآن يجب أن أحصل عليه فوراً بالرغم من أنه ليس من حقى.

ج- الإدمان : سأستعمل تلك المادة المخدرة التى تسكت الأنا الأبوى مؤقتا فأشعر بالنشوة الخالصة.

د : الإفراط فى التحامل : نحن أفضل منهم ، قبيلتنا أفضل من قبيلتهم .



كيفية تحرير الأنا الناضجة من سلطة الطفولية والأبوية :




هناك العديد من البرامج التى استحدثت بغرض تحسين الذات وذلك من خلال تحرير الأنا الناضجة من سلطة الطفل والأبوى. وتلخصت تلك البرامج فى 7 خطوات رئيسية،

ينبغى اتباعها بترتيبها ،

كما ينبغى عدم التنقل للخطوة التالية قبل التمكن من الخطوة الحالية،

للتمكن من الخطوة الواحدة تحتاج للتدريب لفترة طويلة ربما شهور حتى تتمكن منها

نوردها هنا باختصار :


1- ابدأ بدراسة الأنا الأبوى فيمن حولك ، فى الأصدقاء أو المحيطين بك، وحاول تقييمها ، هل هى موضوعية أم أنها تميل إلى تأنيب الطفل دائماً بدون سبب، هل فيها مغالاه ، هل هى قوية لدرجة أنها قللت من ثقة الفرد بنفسه. ولتحتفظ بهذا التقييم لنفسك.

2- ثم حاول دراسة الأنا الطفولى فيمن حولك ، فى الأصدقاء أو المحيطين بك، ولكن حاذر أن تتصيد أخطاء الأخرين، حاول تقييم ذلك الطفل ، كم هو برىء ، كم هو أنانى ، كم هو ضعيف ، كم هو تلقائى، هل يمكن أن يكون له عذر منطقى على أخطاءه؟ إذا كان هذا الطفل من العفوية بأن يتعرى أمام الناس فواجبك حمايته وعدم فضحه أمام الناس ولاسيما أمام نفسه. (هنا قد تنجرف خلف الشعور المغرى للطفل (الخاص بك أنت) بتصيد أخطاء الآخرين محاولا أن تثبت لنفسك أنك أفضل حالاً ، وهنا ينبغى الحذر الشديد من ألا تقع فى ذلك الفخ.

3- ابدأ بدراسة الأنا الأبوى الخاص بك ، ثم مقارنته بالأبوى لدى الأصدقاء أو المحيطين بك، وحاول تقييمه ، هل هو مغال فى النقد الذاتى ، هل هو من القوة بحيث أفقدك الثقة فى نفسك ، ما هى نقاط الاختلاف والتشابه بينه وبين المحيطين.

4- ابدأ بدراسة الأنا الطفل الخاص بك ، ثم مقارنته بالطفل لدى الأصدقاء أو المحيطين بك، وحاول تقييمه ، ابدأ بالتعرف على رغباتك وصنفها ، أى نوع من الموسيقى تفضل ، أى نوع من الأيس كريم تفضل ، ما هو المجال الذى يمكنك أن تبدع فيه ، ما هى الرغبات التى يمكن إعادة صياغتها لتلائم الأب (مثلاً الجنس يمكن إعادة صياغته فى صورة الزواج ...) ، وما هى الرغبات التى لا يمكن إعادة صياغتها ، وما هى الرغبات التى لا تلائم الواقع أو البيئة المحيطة .

5- ابدأ بالتعرف على ذاتك الناضجة : وتكمن درجة الصعوبة فى تلك المرحلة فى أنه كثيرا ما نخطئ أفكار الأبوى على أنها الناضج . فتذكر أنه ليس كل ما هو أبوى صحيح أو منطقى أو واقعى. تعرف على الطرق التى يستخدمها الناضج لديك لتلبية حاجات الطفل أو لإطاعة أوامر الأب.

6- قم بنقل الدين الذى تنتمى له من الأب إلى الناضج ، بعبارة أخرى لا تكن مسلماً (مثلاً) لأن أبويك مسلمان ، بل لأنك مقتنع (من خلال ذاتك الناضجة المفكرة) بالإسلام كدين وكطريقة للتقرب إلى الله.

7- إذا كان الطفولى لديك هو المتهم دائماً ، والأبوى هو دائماً القاضى الجلاد ، فلتأخذ ذاتك الناضجة دور المحامى عن المتهم الطفل، فلتلتمس له الأعذار (المنطقية) ، وتمنع الأبوى من إصدار أحكام ظالمة.



تحليل العلاقات الانسانية:


تطبيقات لما ذكرنا على العلاقات الانسانية :

‏1 ‏ـ‏ ‏اللعب‏ ‏Game : هى حيل دفاعية يلجأ لها الإنسان ليحسن من صورته أمام نفسه. ‏وترجمة‏ ‏هذا‏ ‏المفهوم‏ ‏صعب‏ ‏نسبيا‏ ‏لأن‏ ‏كلمة‏ ‏لعبة‏ ‏بالعربية‏ ‏لا‏ ‏تعنى ‏تماما‏ ‏ما‏ ‏نقصد ‏، وهى خطوات تتخذ بشكل نمطى بهدف أن ينتج عنها هدف خفى ، ‏وتكرار‏ ‏هذه‏ ‏الخطوات‏ ‏نفسها‏ ‏فى ‏نفس‏ ‏الموقف‏ ‏المماثل‏ ‏هو‏ ‏ما‏ ‏دعا‏ ‏العلماء‏ إلى تسمية ‏هذا‏ ‏المفهوم‏ ‏اللعبة‏ ‏لأن‏ ‏لكل‏ ‏لعبة‏ ‏قواعد‏ ‏وخطوات‏ ‏وبداية‏ ‏ونهاية‏ ‏تميزها‏ ‏وتتكرر‏ ‏فى ‏كل‏ ‏دور‏،‏ وأفضل طريقة لفهم الألعاب هو ذكر أمثلة :

أمثلة على اللعب:

1- الذي عندي افضل(Mine is better) :

سالم: ما هو طراز سيارتك؟ (سؤال ناضج)

سليمان: سيارتى من طراز كذا (ناضج)

سالم: سيارتى أفضل من سيارتك (الطفل)

الغرض المعلن من رد (سالم) هو إقناع (سليمان) بأن سيارته أفضل، لكن الغرض الخفى هو محاولة (سالم) إقناع (سليمان) بأن (سالم) أفضل منه ، أما الغرض الرئيسى هو إقناع (سالم) لنفسه بأنه أفضل.



2- نعم ولكن (yes but) :

سالم : ما فيه فايدة أنا سوف أرسب فى الأمتحان

صالح: لماذا لا تبدأ فى المذاكرة

سالم: نعم ولكن ليس هناك وقت.

صالح: لماذا لا تذاكر ولو جزء.

سالم: نعم ولكن ، الإمتحان صعب فى جميع الأحوال.

صالح: أكيد فيه أسئلة ممكن تجاوب عليها لو ذاكرت.

سالم: نعم ولكن، لازم يكون عندى واسطة

وبذلك يستمر (صالح) فى عرض الحلول على (سالم) ، ولكن (سالم) يدحض تلك الحلول جميعها ، والهدف المعلن هو الشكوى، أما الهدف الخفى الرئيسى هو أن يثبت (الطفل) (سالم) بأنه ما عليه أى ذنب فى عدم إطاعة (الأب) فى المذاكرة.



3- اضربنىkick me :

فى هذه الحالة يرتدى أحدهم فانلة مكتوب على ظهرها "اضربنى" والنتيجة أن كل من يرى تلك الفانلة فانه يضربه ، وفى النهاية يشكو صاحب الفانلة من اضطهاد الناس له ويقول "لماذا يضربونى". ولنأخذ مثالا من واقع الحياة تلك المرأة التى تسب زوجها يوميا فيضربها ثم تشكو من ضربه لها ، فهى تعلم تماما نتيجة ما تفعله ومع ذلك تكرره كل يوم ، ثم تشكو من حدوث النتيجة.

والهدف المعلن هو الشكوى أما الهدف الخفى فهو محاولة اتهام الآخر بأنه الأسوأ .



2- النصوص script

يعنى هذا المفهوم سلوكا أطول من الدور فى اللعبة قد يستغرق أسابيع أو شهورا أو حتى سنين عددا، وهو متكرر متتابع الخطوات أيضا، وقد يمهد له وراثيا ثم يتشكل بالتعليم البيئى، ولأنه أطول من دور اللعبة فتأثيره أبقى ودلالاته أشمل، وغالبا يكون على هيئة جملة يرددها الإنسن لا شعوريا ، ويتصرف على أساسها دون أن يدرى …

أمثلة على مخطوطات نعيشها :

1- لن أشعر بالسعادة حتى ينتهى موسم الامتحانات

2- لن أشعر بالهدوء حتى ينتهى موسم الامتحانات

3-أنا غير مقبول من الناس ، بينما كل من حولى مقبولين ومحبوبين.

4- لا يجب أن أكون مهماً، يجب أن احتجب دائما عن الأضواء .

5- لا يجب أن أكون بصحة جيدة وإلا سأفتقد الحنان والاهتمام ممن حولى.

‏3 ‏ـ‏ ‏السلوي ‏(‏تمضية‏ ‏الو‏قت‏) Pastime

يشير‏ ‏هذا‏ ‏المفهوم‏ ‏الى ‏النشاطات‏ ‏التى ‏تؤدى ‏لمجرد‏ ‏ملء‏ ‏الوقت‏، ‏قد‏ ‏يسوق‏ ‏صاحبها‏ ‏كثيرا‏ ‏من‏ ‏التبريرات‏ ‏بشأنها‏ ‏لكن‏ ‏التأمل‏ ‏فى ‏داخلها‏ ‏وهدفها‏ ‏وجدواها‏ ‏يثبت‏ ‏أن‏ ‏ما‏ ‏يؤدى ‏ليس‏ ‏سوى ‏ملء‏ ‏للوقت‏، ‏وهذا‏ ‏الهدف‏ ‏فى ‏ذاته‏ ‏هام‏ ‏فى ‏الحياة‏ ‏العادية‏ ‏ومفيد‏ ‏فى ‏استمرار‏ ‏التكيف‏ ،‏ ‏الا‏ ‏أنه‏ ‏يجدر‏ ‏الاشارة‏ ‏الى ‏أن‏ ‏الافراط‏ ‏فيه‏ ‏لابد‏ ‏وأن‏ ‏يقلل‏ ‏من‏ ‏فرص‏ ‏النضج‏ ‏والارادة‏ ‏والابداع‏. مثال : مشاهدة التلفاز.‏

‏4 ‏ـ‏ ‏النشاط‏ Activity


‏يشير‏ ‏هذا‏ ا‏لمفهوم‏ ‏الى ‏النشاط‏ ‏المنتج‏ ‏الهادف‏ ‏الذى ‏يتصف‏ ‏بأقل‏ ‏درجة‏ ‏من‏ ‏اللعب‏ ‏أو‏ ‏السلوى‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق